حقيقة الأديان.. الإسلام وحده طريق النجاة

الإسلام هو الدين الحق: الحقيقة الخالدة التي لا تنسخ الحمد لله رب العالمين، الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأت…

حقيقة الأديان.. الإسلام وحده طريق النجاة
المؤلف عمرنا
تاريخ النشر
آخر تحديث

الإسلام هو الدين الحق: الحقيقة الخالدة التي لا تنسخ

الحمد لله رب العالمين، الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا، فجعله النور المبين، والحق المبين، والحبل المتين، من تمسك به نجا، ومن أعرض عنه ضل وغوى. والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

لقد اختص الله تعالى هذه الأمة المحمدية بخاتمة الرسالات السماوية، فجعل الإسلام آخر الأديان، وشريعته خاتمة الشرائع، وكتابه محفوظا من التحريف، ونبيه ﷺ خاتم النبيين لا نبي بعده. ومن هذه الخصائص يتبين أن الإسلام هو الدين الخالد، الشامل، الكامل، الذي ارتضاه الله لعباده إلى قيام الساعة، ولا يقبل منهم دينا سواه، كما قال تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} [آل عمران: 19]، وقال أيضا: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} [آل عمران: 85].

وفي ظل هذا الوضوح العقائدي، كثر الحديث في عصرنا الحاضر عن ما يسمى بالتعددية الدينية، وحرية المعتقد، وشرعية السماح بممارسة الأديان المحرفة والمنسوخة في ديار المسلمين، بل وصل الحال بالبعض إلى اعتبار الأديان الباطلة طرقا موازية للهداية والنجاة، متناسين أو متجاهلين ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله من أدلة قطعية تؤكد بطلان هذا الطرح وخطورته.

إن هذه المفاهيم المعاصرة، على ما تحمله من شعارات براقة وألفاظ ظاهرها الرحمة، تحتاج إلى إعادة نظر وتمحيص دقيق، لا على ضوء الفلسفات الغربية أو المشاعر الإنسانية المجردة، بل في ضوء الوحي الإلهي، الذي هو المصدر الوحيد للحق المطلق، والذي يميز بين الحق والباطل، والهدى والضلال. فدين الإسلام لم يكن يوما أحد الخيارات، بل هو الخيار الوحيد المقبول عند الله، وهو الطريق الذي ارتضاه لعباده رحمة بهم ورفقا، لا تضييقا ولا إكراها.

الإسلام هو الدين الوحيد الذي ارتضاه الله لعباده

من أعظم الحقائق التي لا تقبل الجدل في دين الإسلام، أن الله تعالى لم يرض لعباده دينا سواه، وأن الإسلام هو الدين الوحيد المقبول عنده جل جلاله، منذ أن بعث به محمد ﷺ، وإلى قيام الساعة. وقد جاء هذا المعنى واضحا في كتاب الله عز وجل، في قوله تعالى:
{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]،
وفي قوله سبحانه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].

فهاتان الآيتان الكريمتان تحكمان بوضوح أن كل دين غير الإسلام فهو مردود عند الله تعالى، ولا يقبل من أتباعه عملا، ولا يكتب لهم به نجاة. وسواء أكان هذا الدين يهودية أم نصرانية أم غير ذلك من الأديان والمذاهب الباطلة، فإنه لا يغني عن أصحابه شيئا، ما لم يؤمنوا بالإسلام ويشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

وقد بين النبي ﷺ هذه الحقيقة في أحاديث كثيرة، منها قوله:
«والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار» [رواه مسلم].

الإسلام ناسخ لجميع الشرائع السابقة

ومن تمام هذه الحقيقة أن الشريعة الإسلامية الخاتمة التي جاء بها النبي محمد ﷺ، ناسخة لجميع الشرائع السابقة التي أنزلها الله على أنبيائه ورسله، كالتوراة التي أنزلت على موسى، والإنجيل الذي أنزل على عيسى، عليهم السلام جميعا. فقد كانت تلك الشرائع مؤقتة، مرهونة بزمنها وأقوامها، فلما بعث النبي الخاتم ﷺ، وجاء بالشريعة الكاملة التامة، نسخت كل الشرائع السابقة، ولم يبق منها شيء يتبع أو يعمل به، إلا ما أقره الإسلام ووافقه، ضمن أصوله وضوابطه.

قال الله تعالى مخاطبا نبيه ﷺ:
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48]،
أي أن القرآن الكريم جاء مهيمنا على ما سبقه من الكتب، حاكما عليها، مبينا ما وقع فيها من تحريف، وناسخا لأحكامها التي لم يقرها الإسلام.

وبناءا عليه، فإن ما بقي من الكتب السماوية السابقة، قد ناله التحريف والتبديل، ولم يبق منها ما يمكن الوثوق به جملة وتفصيلا. ولذلك لا يجوز اتباعها، ولا الاعتماد على ما فيها، ولا الترويج لها، فضلا عن اعتبارها أديانا صحيحة أو مقبولة عند الله. فالشريعة التي جاء بها محمد ﷺ هي الشريعة الخالدة، التي تصلح لكل زمان ومكان، وهي المرجع النهائي والوحيد لأحكام الدين والدنيا.

موقف الإسلام من اليهودية والنصرانية

لقد اتسم موقف الإسلام من الديانات السابقة – وعلى رأسها اليهودية والنصرانية – بالوضوح والعدل في آن معا، حيث بين الإسلام أن هذه الأديان في أصلها كانت وحيا من الله تعالى، أنزلها على أنبيائه لهداية أقوامهم، ودعوتهم إلى توحيده وعبادته وحده لا شريك له. ولكن هذه الرسالات الإلهية لم تبق على صفائها وطهارتها، بل نالها التحريف والتبديل على أيدي أتباعها، حتى أصبحت تحمل من الباطل والكفر ما يناقض أصل التوحيد، ويسيء إلى الأنبياء، ويشوه صورة الدين الحق.

وقد جاءت نصوص القرآن الكريم صريحة في بيان ما وقع في هذه الأديان من انحرافات عقائدية خطيرة، أدت إلى خروج أصحابها عن ملة التوحيد، وحكمت عليهم بالكفر الصريح، نتيجة ما نسبوه إلى الله تعالى زورا وبهتانا.

ففي شأن النصارى الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، أو اعتقدوا في عقيدة التثليث الفاسدة، يقول الله تعالى:
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17]،
وقال أيضا:
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73].

فهاتان الآيتان تقرران بوضوح أن من يعتقد بأن المسيح هو الله، أو بأن الله ثالث ثلاثة (الأب والابن والروح القدس)، فهو كافر بالله، خارج عن دينه، لأن هذا يناقض أعظم أصول الإسلام: التوحيد الخالص، الذي هو إفراد الله تعالى بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

أما اليهود، فقد وقعوا في ضلالات لا تقل خطورة، ومن ذلك أنهم زعموا أن عزيرا ابن الله، كما قال تعالى:
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]،
وهذا أيضا افتراء عظيم على الله، يخرج صاحبه من دائرة الإيمان، ويبرهن على مدى ما وقع في كتبهم من التحريف والانحراف عن رسالة التوحيد التي جاء بها أنبياء بني إسرائيل.

الإسلام يصحح العقائد ويدعو إلى التوحيد الخالص

ومن هنا، يتبين أن موقف الإسلام من اليهودية والنصرانية ليس عداءا تاريخيا أو صراعا ثقافيا، بل هو موقف تصحيح وهداية وإنقاذ. فالإسلام لم يأت ليلغي أصول الرسالات السماوية السابقة، بل جاء ليتممها ويصحح ما طرأ عليها من تحريف، ويعيد البشرية إلى الصراط المستقيم، طريق التوحيد الخالص الذي لا تشوبه خرافة ولا شرك ولا غلو في الأنبياء.

قال النبي ﷺ:
«مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين» [متفق عليه].

فالإسلام هو الدين الذي جاء في آخر الزمان ليعيد الأمور إلى نصابها، وليختم سلسلة الرسالات بإتمام الدين، وتصحيح العقيدة، وبيان أن العبادة لا تكون إلا لله وحده، لا لأنبياء ولا لقديسين ولا لأصنام، بل لله وحده، لا شريك له.

لا صحة لاعتبار اليهودية والنصرانية ديانات مقبولة بعد بعثة محمد ﷺ

لقد بين الإسلام بوضوح تام في كتاب الله وسنة نبيه ﷺ أن اليهودية والنصرانية لا تعتبران ديانات مقبولة بعد بعثة النبي محمد ﷺ. ومن يظن أو يدعي أن هذه الأديان ما زالت محط رضا الله بعد إرسال الرسول الخاتم، فقد وقع في ضلال عظيم وأدى إلى فتح باب خطير من الانحراف العقدي، الذي قد يقود إلى الردة عن الإسلام، وهو أمر يتنافى مع النصوص القطعية في القرآن الكريم والسنة النبوية.

إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي ارتضاه الله لعباده بعد بعثة محمد ﷺ، كما أوضح في العديد من الآيات التي تحدد بطلان كل دين غير الإسلام، بما في ذلك اليهودية والنصرانية. وقد أكد القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]. وهذه الآية تشير بشكل قاطع إلى أن الإسلام هو الدين الوحيد المقبول عند الله، ولا فائدة من التمسك بأي دين آخر.

حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتحذير النبي ﷺ

وقد أتى الحديث النبوي ليكون توجيها قاطعا في هذا الصدد، حيث روى النسائي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان في يده ورقة من التوراة، فغضب النبي ﷺ وقال له:
«أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي» [رواه النسائي].

هذا الحديث يوضح بكل جلاء أن النبي محمد ﷺ هو خاتم الأنبياء، وأنه لو كان أنبياء بني إسرائيل أحياء في زمنه، لما كان لهم خيار سوى اتباعه والانقياد لشريعته. فكيف بمن دونهم من الأمم؟ إذا كان الأنبياء الذين أنزلت عليهم الكتب السماوية السابقة – مثل موسى وعيسى عليهما السلام – لا يمكنهم إلا اتباع محمد ﷺ لو كانوا أحياء، فما بالك بالأتباع الذين بعدهم؟

ويظهر هذا الحديث بجلاء أن الإسلام لا يقتصر فقط على أمة محمد ﷺ، بل هو دين العالمين إلى يوم القيامة، ولا مكان للتمسك بالأديان الباطلة بعد بعثة النبي ﷺ. وهذا يبين أن الاعتقاد في اليهودية أو النصرانية كدينين مقبولين بعد بعثة الإسلام هو تحريف عظيم، وخروج عن الطريق القويم الذي رسمه الله للبشرية في القرآن والسنة.

الدعوة إلى التوحيد ورفض التعددية الدينية

إن التشبث بفكرة أن الأديان السابقة ما زالت مقبولة بعد الإسلام يؤدي إلى تدمير أساس التوحيد، ويشجع على التحريف والتبديد في العقائد، ويقود الأفراد إلى فهم خاطئ للإسلام. فالإسلام ليس مجرد تصحيح للأديان السابقة، بل هو الدين الذي جاء ليكمل الرسالات ويعيد الناس إلى عبادة الله وحده، دون شريك أو وسيلة. لذلك، يجب على كل مسلم أن يتبع العقيدة الصحيحة التي جاء بها القرآن الكريم، ويبتعد عن جميع الأفكار والاعتقادات التي تروج لمفاهيم خاطئة بشأن قبول الأديان الأخرى بعد الإسلام.

نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان شاهد على بطلان ما سواه

إن نزول النبي عيسى عليه السلام في آخر الزمان يعد من أبرز المعجزات الكبرى التي تؤكد بطلان جميع الأديان التي زعم أصحابها أنها ما زالت على هدى بعد بعثة محمد ﷺ. فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي ﷺ:
«يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ولا يقبل إلا الإسلام» [رواه مسلم].

هذا الحديث الشريف يحمل في طياته دلالات عظيمة على أن عيسى عليه السلام، الذي آمن به المسلمون كأحد أولي العزم من الأنبياء، سيعود في آخر الزمان ليجدد رسالة الإسلام ويقيمها في الأرض. فالحديث يوضح أن عيسى عليه السلام لن يأتي ليؤسس دينا جديدا أو يحيي شريعة النصرانية كما يعتقد بعض الناس، بل سيعود ليحكم بالإسلام ويظهر بطلان كل العقائد الباطلة، ومنها النصرانية التي ارتكبت خطأ فادحا في حقه حين نسبته إلى الألوهية.

تجديد رسالة الإسلام

عندما ينزل عيسى عليه السلام، سيقوم بأعمال حاسمة تؤكد تماما أن دين الله الواحد هو الإسلام، وأن أي عقيدة لا تؤمن بتوحيد الله هي عقيدة باطلة. فبداية، سيكسر الصليب الذي يعتبره النصارى من أقدس الرموز، مما يعني إبطال عقيدة الصلب والفداء التي تقوم عليها النصرانية. ثانيا، سيقتل الخنزير، وهو حيوان محرم في الإسلام، وهو بذلك يرفض كل الممارسات التي يخالف فيها الناس تعاليم الله، كالأكل من لحم الخنزير. وأخيرا، سيضع الجزية التي كانت تفرض على غير المسلمين في عهد الدولة الإسلامية، بما يظهر أن الإسلام هو الدين الوحيد المقبول، وأنه لا مكان لأي دين آخر بعد بعثة محمد ﷺ.

الشهادة على بطلان ما سواه

إن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ليس فقط دليلا على إحياء شريعة التوحيد التي جاء بها الإسلام، بل هو أيضا شهادة إلهية على أن الإسلام هو الدين الحق الذي ارتضاه الله للبشرية. فلو كان هناك دين آخر مقبول لدى الله، لما كان لعودة عيسى عليه السلام أي معنى إلا إذا كان ليؤكد الناس من خلاله أن الإسلام هو الحقيقة الوحيدة التي يجب أن يتبعها كل البشر. ولذلك، فإن عودة عيسى عليه السلام هي دليل قاطع على بطلان كل الأديان التي نشأت بعد الإسلام، وهي دعوة لكل الناس للرجوع إلى التوحيد والإيمان الكامل برسالة محمد ﷺ، خاتم الأنبياء والمرسلين.

الحقيقة واضحة في القرآن لكل من أنار الله بصيرته

لقد أورد القرآن الكريم بوضوح وصدق أن من أهل الكتاب، سواء كانوا من اليهود أو النصارى، سيؤمنون في النهاية برسالة الإسلام الحقة إذا أضاء الله قلوبهم بنور الهداية. هذا التوجيه الرباني يؤكد أن الهداية الإلهية هي السبيل الوحيد لفهم الحقيقة، وأن من ينعم عليه الله بالتوفيق سيقبل حقيقة الإسلام ويعترف به، مهما كانت مواقفه السابقة أو معتقداته الدينية.

وقد ورد في كتاب الله تعالى قوله سبحانه:
{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159].
تظهر هذه الآية الكريمة أن كل فرد من أهل الكتاب، إذا كتب الله له الهداية، سينتهي به الأمر إلى الإيمان برسالة محمد ﷺ، وأنه سيصدق بأن عيسى عليه السلام هو عبد الله ورسوله، لا إله ولا ابنا لله كما يعتقدون. وقد يكون هذا الإيمان في اللحظات الأخيرة من حياته، وهو ما يذكره العلماء في تفسير هذه الآية باعتبارها دلالة على أن الإسلام هو الدين الحق الذي ستظهر حقيقة نسبته حتى لأهل الكتاب في آخر الزمان.

الهداية والوضوح لكل من يسعى للحق

إن هذا الإيمان سيكتمل عندما يدرك أهل الكتاب أن دين الإسلام هو الحقيقة الوحيدة التي يجب أن يتبعها كل إنسان على وجه الأرض. فقد جاء القرآن الكريم ليبين بجلاء أن كل العقائد التي تخالف التوحيد، مثل عقيدة التثليث لدى النصارى، أو الاعتقاد بأن بعض الأنبياء لهم صفة الألوهية، هي عقائد باطلة تنافي ما جاء به الإسلام من توحيد خالص لله تعالى.

ويظهر هذا المعنى بوضوح في العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد على مكانة عيسى عليه السلام كنبي، وعلى رسالة محمد ﷺ كخاتم الأنبياء، وعلى أن القرآن هو الكتاب الذي جاء ليكمل ما قبله من الكتب السماوية، ويصحح ما وقع فيه من تحريف أو تحوير. وفي هذا السياق، يعتبر الإيمان برسالة محمد ﷺ جزءا أساسيا من الإيمان بالله، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تصحيح العقيدة وتوحيد الله في العبادة.

الهداية الإلهية وفتح القلوب

يبقى أن الهداية التي ينعم بها الله على من يشاء هي التي تفتح القلوب لاستقبال الحق، وبالتالي يؤمن أصحاب القلوب المستنيرة بما جاء به الإسلام ويذعنون له. وهذا يظهر أن الإسلام ليس دينا مفروضا أو مجبرا على أحد، بل هو دين يشهد له العقل والشرع والحقيقة الفطرية التي لا يمكن تجاهلها إلا إذا كانت النفس مغلقة على الأوهام والخرافات.

الإسلام دين جميع الأنبياء

منذ خلق آدم عليه السلام وحتى بعثة محمد ﷺ، كانت الدعوة واحدة، والرسالة واحدة، وهي الدعوة إلى التوحيد الخالص وعبادة الله وحده، بعيدا عن الشرك والأصنام. فكل الأنبياء الذين بعثهم الله على مر العصور لم يختلفوا في جوهر رسالتهم، بل اجتمعوا على مبدأ واحد، وهو الإسلام بمعناه العام. هذه الحقيقة يثبتها القرآن الكريم في قوله تعالى:
{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19].
فالإسلام هنا يقصد به الاستسلام لله تعالى، والتسليم لأمره، والإيمان بتوحيده دون شريك أو وسيط.

من نوح إلى محمد ﷺ: دعوة واحدة

لقد حمل جميع الأنبياء هذه الرسالة الإلهية: الإسلام، بمعناه الواسع، الذي يتضمن التوحيد في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، ويعني الخضوع لله سبحانه وتعالى في كل أمور الحياة. فقد جاء نوح عليه السلام بدعوة الإسلام، كما جاء من بعده إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، وكل واحد منهم دعا قومه إلى عبادة الله وحده، ونبذ الشرك والخرافات. لذا، فكل الأنبياء والرسل هم دعاة للإسلام بمعناه العام، أي الاستسلام لله.

ما جاء به محمد ﷺ: الإسلام بمعناه الخاص

ومع بعثة محمد ﷺ، جاء الإسلام بشكل خاص وواضح، كدين خاتم لا يقبل غيره من الأديان إلى قيام الساعة. فالدين الذي جاء به النبي محمد ﷺ هو الإسلام بصورته النهائية المتكاملة، التي أتمها الله تعالى في قوله:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
هذا هو الإسلام بمعناه الخاص الذي اختتم به الله سلسلة الأنبياء، وجعل رسالته هي آخر الرسالات التي لا تنسخ ولا تتغير إلى يوم القيامة.

وقد بين النبي محمد ﷺ في العديد من الأحاديث أن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله تعالى للناس كافة، وأنه لا يمكن لأحد أن يصل إلى الجنة إلا إذا آمن برسالة محمد ﷺ وأخذ بها. قال ﷺ:
"والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بما جئت به، إلا كان من أهل النار" [رواه مسلم].

وحدة رسالة الأنبياء ودلالة الإسلام

إن هذا التشابه في الرسالة بين جميع الأنبياء يبرز وحدة الدعوة التي استمرت على مر العصور، وهي دعوة التوحيد والإسلام لله وحده، وإن اختلفت بعض التفاصيل أو التشريعات بين كل نبي وآخر. وكل نبي كان يوضح لقومه كيفية الوصول إلى الله بشكل يناسب زمانه ومكانه. لكن جميع هذه الرسالات تلتقي في الهدف نفسه: دعوة الناس لعبادة الله وحده ورفض الشرك والضلال.

وبهذا، يكون الإسلام هو الدين الذي بعث الله به جميع الأنبياء، وبهذا المعنى يشمل الإسلام كل الرسل والشرائع السماوية، حتى جاء محمد ﷺ ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، وليكون دينه هو دين الحق الذي لا يقبل الله غيره في آخر الزمان.

خطورة الترويج للتعددية الدينية في بلاد المسلمين

إن الترويج للتعددية الدينية في بلاد المسلمين يعد من أخطر الأفكار التي قد تؤدي إلى تدمير وحدة الأمة الإسلامية وزعزعة العقيدة الصحيحة. فالإسلام يرفض تماما السماح بممارسة الأديان الباطلة أو إعطاء الاعتراف لأي دين غيره داخل المجتمعات الإسلامية. من بين هذه الممارسات التي تروج للتعددية الدينية، نجد بناء معابد لغير المسلمين، سواء كان هؤلاء يعبدون أصناما أو يتبعون شرائع منسوخة أو محرفة. هذا الفعل يتناقض مع ما جاء به الإسلام من دعوة للتوحيد الخالص ورفض الشرك بكل أشكاله.

بناء معابد لغير المسلمين: مخالفة صريحة للإسلام

من المعلوم أن الإسلام لا يقبل بأي حال من الأحوال إقرار معابد أو أماكن عبادة للشرك والكفر في بلاد المسلمين. فالاعتراف بمثل هذه المعابد يعد إعانة على الباطل وإقرارا بالكفر، كما أنه يعد تشويشا على عقيدة المسلمين وأساسيات دينهم، التي تقوم على التوحيد والبراءة من الشرك. فالإسلام يدعو إلى حماية التوحيد والابتعاد عن كل ما قد يؤثر في نقاء العقيدة ويخلص الأمة من تأثيرات الضلال.

وقد بين القرآن الكريم الموقف الواضح من الشرك والمشركين في قوله تعالى:
{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ...} [التوبة: 28].
هذه الآية تشير إلى أن المشركين – الذين لا يؤمنون بالله وحده ويعبدون غيره – لا مكان لهم في بلاد المسلمين، وبالتالي فإن السماح لهم ببناء معابد أو ممارسة عباداتهم في الأراضي الإسلامية هو بمثابة الإقرار بطهارة ما هم عليه من عقائد باطلة.

واجب المسلمين في مواجهة التعددية الدينية

وقد أورد القرآن الكريم أيضا في نفس السياق:
{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ...} [التوبة: 29].
هذه الآية تدل على موقف الإسلام من الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، وهم من يتبعون الأديان المحرفة أو يعبدون آلهة غير الله. يجب على الأمة الإسلامية أن تبذل جهدها في إرساء قيم التوحيد وتوضيح حقيقة دينها للعالمين، وأن تحمي مجتمعاتها من أفكار التعددية الدينية التي تؤدي إلى التراخي في العقيدة وتفسح المجال لتزاوج المعتقدات الفاسدة.

إن إقرار معابد الشرك في بلاد المسلمين لا يقتصر فقط على مخالفة الشريعة الإسلامية، بل أيضا يساهم في انتشار الأفكار الخاطئة التي قد تضل المسلمين وتفسد عقيدتهم. وعليه، يجب على المسلمين أن يلتزموا بالحرص على نشر رسالة التوحيد، وأن يرفضوا أي محاولات لشرعنة الأديان الباطلة أو السماح لها بالانتشار داخل المجتمعات الإسلامية.

خاتمة: الإسلام هو الصراط المستقيم الذي لا يعدل عنه

في الختام، يبقى الإسلام هو الدين الحق الذي ارتضاه الله لعباده، ولا يقبل من أحد دين غيره. ومن أراد النجاة في الدنيا والآخرة، فعليه أن يتمسك بهذا الدين الحنيف الذي هو الطريق الوحيد إلى الحق، وهو الصراط المستقيم الذي لا يمكن لأي طريق آخر أن يفضي إلى النجاة أو السعادة الأبدية. فكل طريق يخالف الإسلام إنما يؤدي إلى الخسارة والضلال، والمرء الذي يضل عن هذا الطريق سيجد نفسه في مصير مظلم، سواء في الدنيا أو في الآخرة.

وقد ورد عن النبي ﷺ في الحديث الصحيح قوله:
"والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار" [رواه مسلم].
هذا الحديث الشريف يوضح بجلاء أن الإيمان برسالة محمد ﷺ هو شرط أساسي للنجاة في الآخرة، وأنه لا يمكن لأي شخص أن يكون في مأمن من العذاب إلا إذا اعتنق الإسلام وعاش على أساس مبادئه. فالإسلام هو الدين الذي يعترف فيه المؤمن بوحدانية الله تعالى، وبنهاية العالم ويوم الحساب، وبالنبوة الأخيرة التي ختم بها الله رسالاته، وهي رسالة محمد ﷺ.

الدعاء بالثبات والهداية

نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه القويم، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم، الذي لا ضلال فيه ولا تذبذب، وأن يرزقنا الثبات على الإيمان حتى نلقاه وهو راض عنا. اللهم اجعلنا من الذين يسيرون على نهج نبيك محمد ﷺ، ووفقنا للسير على درب التوحيد والحق حتى نلقاك في دار النعيم.

وفي الختام، نسأل الله أن يحشرنا في زمرة الصالحين، وأن يميتنا على الإسلام، وأن يجعلنا من أهل الجنة برحمة الله وفضله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

تعليقات

عدد التعليقات : 0