بلقيس ملكة سبأ: سيدة العرش والحكمة والقيادة الفريدة
من هي بلقيس؟ ملكة سبأ التي خلدها القرآن والتاريخ
في صفحات التاريخ اليمني العريق، تتلألأ سيرة واحدة من أعظم النساء اللاتي مررن في سجل الحضارات القديمة، إنها بلقيس ملكة سبأ، المرأة التي لم تكن مجرد شخصية عابرة في مجرى الأحداث، بل كانت نموذجا فريدا في القيادة والذكاء والحكمة. لقد جمع الله لها بين الملك الواسع، والمكانة الرفيعة، والعقل الراجح الذي أهلها لتكون حاكمة على واحدة من أعظم الممالك في جنوب الجزيرة العربية. لم تكن بلقيس مجرد امرأة تحكم من على عرشها، بل كانت قائدة محنكة، تدير شؤون دولتها بحكمة سياسية نادرة في ذلك الزمان. وعندما بلغها خبر النبي سليمان عليه السلام، لم تتسرع في اتخاذ القرار، بل قابلت الرسالة النبوية بعقل راجح وفكر ثاقب، فسجل التاريخ لها موقفا خالدا يدل على عمق إدراكها وبعد نظرها. إن شخصية بلقيس تمثل في جوهرها رمزا من رموز القيادة النسائية في التاريخ الإسلامي والعربي، وواحدة من أبرز النماذج التي تجسد كيف يمكن للمرأة أن تجمع بين القوة والرحمة، وبين السياسة والإيمان، فتخلد في الذاكرة التاريخية والدينية على مر العصور.
نسب بلقيس ملكة سبأ: أصولها اليمنية بين الروايات والتاريخ
حين نغوص في البحث عن نسب بلقيس ملكة سبأ، نجد أنفسنا أمام عدد من الروايات المتعددة التي تحاول رسم ملامح أصول هذه المرأة الأسطورية التي خلدها التاريخ اليمني والديني على حد سواء. تعرف في أكثر الروايات تداولا باسم بلقيس بنت الهدهاد، ويقال إنها من بني يعفر، إحدى القبائل اليمنية العريقة ذات الجذور الممتدة في أرض سبأ. وتذكر روايات أخرى أنها ابنة إيلي شرح، ما يربطها مباشرة بالسلالة الحميرية، وهي من أعرق السلالات التي حكمت جنوب الجزيرة العربية وأسست ممالك عظيمة تركت بصماتها في التاريخ القديم.
ورغم هذا التباين في تحديد نسب بلقيس الدقيق، فإن المؤرخين والباحثين في شؤون التاريخ اليمني يتفقون على أمر أساسي: أن بلقيس تنتمي إلى أرض اليمن، ذلك الإقليم الجنوبي الغني بالحضارات والممالك القديمة، والذي شكل مركزا سياسيا واقتصاديا ودينيا في العصور السحيقة. إن انتماء بلقيس إلى اليمن لا يقتصر على الجغرافيا فحسب، بل يمتد ليشمل الانتماء الحضاري والثقافي، حيث نشأت وترعرعت في مجتمع زاخر بالقيم والمعتقدات والتقاليد، مما أسهم في تكوين شخصيتها القيادية والحكيمة التي أبهرت التاريخ.
قصة بلقيس والهدهد: عندما نقل الطائر خبرا يقلب الموازين
من أعماق القصص القرآنية التي تحمل بين طياتها المعاني العميقة والدروس البليغة، تبرز قصة بلقيس والهدهد، تلك الرواية العجيبة التي بدأت من موقف بسيط لكنه انتهى إلى تحول كبير في مملكة سبأ. تبدأ القصة عندما تفقد نبي الله سليمان عليه السلام الطير، وهو من الأنبياء الذين سخر الله لهم الجن والإنس والطير، وكان جيشه منظما ومحكم القيادة. وعندما لاحظ غياب الهدهد، أعلن بلهجة حازمة أنه سيعاقبه بشدة، أو يذبحه، إن لم يأت بعذر مقبول أو بحجة قاطعة، كما ورد في قوله تعالى:
{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} [النمل: 21].
لكن المفاجأة كانت حين عاد الهدهد، ذلك الطائر الصغير الذي لم يكن يتوقع له دور كبير في عالم السياسة أو الملك، فجاء بخبر قلب الموازين ولفت الأنظار إلى مملكة عظيمة غارقة في الشرك. قال الهدهد بثقة:
{وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ}، ثم بدأ يسرد اكتشافه:
{إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}.
لقد كشف الهدهد عن مملكة سبأ، تلك المملكة الثرية ذات الحضارة العريقة، والتي تحكمها امرأة ذات مكانة عظيمة هي بلقيس ملكة سبأ، صاحبة العرش المهيب والحكمة الظاهرة. إلا أن الصدمة الكبرى كانت في أن هذه الأمة، رغم ما تملكه من نعم وقوة، كانت تسجد للشمس من دون الله، في مشهد يعكس انحرافا عقائديا عميقا في أمة متقدمة ماديا، لكنها ضالة روحانيا.
بهذا الخبر، يكون الهدهد قد فتح بابا لمرحلة جديدة من الدعوة والتواصل بين النبي سليمان وبلقيس، وهو ما سنراه في الفصول التالية من هذه القصة الملهمة التي تجمع بين الإعجاز الإلهي، الحكمة النبوية، والقيادة النسائية الفريدة في صفحات التاريخ القرآني.
مملكة بلقيس: حضارة وثنية بقلب مفتوح للحقيقة
في إطار سرد القصة القرآنية، يقدم لنا الهدهد وصفا دقيقا لمملكة بلقيس ملكة سبأ، تلك المملكة العريقة التي كانت تتمتع بثراء هائل وحضارة مزدهرة، لكنها كانت في ذات الوقت غارقة في عبادة الشمس، في تباين صارخ بين التقدم المادي والانحراف الروحي. كان الهدهد قد وجد أن بلقيس وقومها يسجدون للشمس بدلا من عبادة الله سبحانه وتعالى، كما جاء في قوله تعالى:
{وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ...} [النمل: 24].
ذلك الانحراف العقائدي الذي ساد بين أفراد المجتمع رغم الرفاهية المادية التي كانوا يتمتعون بها، فكانت مملكة سبأ بمثابة نموذج لتلك الحضارات التي تملك جميع أسباب القوة، لكنها لا تمتلك الهدى الإلهي.
لكن نبي الله سليمان عليه السلام، الذي سخر له الله الجن والطير، لم يكن مستعجلا في إصدار الحكم على الهدهد، بل تحلى بالحكمة والعدل النبوي، إذ قال:
{سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النمل: 27].
إجابة سليمان كانت بمثابة إعلان عن تأن وحكمة في التعامل مع الأمور، فقد أراد التأكد من صحة ما جاء به الهدهد قبل اتخاذ أي خطوة.
ثم أرسل النبي سليمان عليه السلام رسالة إلى بلقيس عبر الهدهد، داعيا إياها وقومها إلى الإيمان بالله وحده وترك عبادة الشمس، محذرا إياهم من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على الاستمرار في الضلال. كانت هذه الرسالة بمثابة دعوة مفتوحة إلى الإسلام، ليس فقط في مضمونها بل في أسلوبها الحكيم الذي يعكس العدالة النبوية والاحترام لحرية الفكر والعقيدة.
رد بلقيس على رسالة سليمان: مشهد من الحكمة والدهاء السياسي
عندما تلقت بلقيس ملكة سبأ رسالة النبي سليمان عليه السلام التي تدعوها إلى الإيمان بالله وترك عبادة الشمس، لم تتسرع في اتخاذ قرارها بشكل فردي رغم ما كانت تملكه من قوة وسلطة. بل على العكس، أظهرت حكمة سياسية عالية وحرصا على استشارة مستشاريها، فقد جمعت رجال مملكتها وقالت لهم:
{مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ} [النمل: 32].
كان هذا المشهد تعبيرا عن القيادة الحكيمة التي تعتمد على الشورى، وهي قيمة إسلامية أصيلة، حيث لم تغلق الأبواب أمام الرأي الآخر بل جعلت من الاستشارة مع قومها جزءا أساسيا من عملية اتخاذ القرار، وهو ما يعكس حرصها على المصلحة العامة لمملكتها.
الدبلوماسية والدهاء السياسي كانا حاضرين في ردود أفعال بلقيس، فقد قررت أن تختبر نوايا النبي سليمان عبر هدية دبلوماسية أرسلتها إليه. كانت تلك الهدية بمثابة اختبار لنية سليمان، لتعرف إذا كان يسعى فقط إلى المكاسب المادية أم أنه كان صادقا في دعوته. لكن الرد من سليمان كان حاسما، حيث قال:
{أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ... فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُم بِهَا} [النمل: 37].
كان الرد حاسما في بيان أن سليمان لا يحتاج إلى المال أو المساعدات المادية من بلقيس، بل كان له من القوة العسكرية ما يجعله قادرا على مواجهة أي تهديدات. هذا الموقف يعكس نوايا سليمان الصافية، حيث لم يكن يطلب منها سوى الاستجابة للدعوة إلى الإيمان بالله، دون أطماع أو مصالح شخصية.
عرش بلقيس: عظمة العرش وعظمة من أتى به
في سياق الدعوة التي وجهها النبي سليمان عليه السلام إلى بلقيس ملكة سبأ، كان يرغب في إظهار قدرة الله سبحانه وتعالى أمامها بشكل قاطع، ليبين لها أن ما يدعوها إليه ليس مجرد دعوة بشرية، بل هو أمر إلهي له من القوة والعظمة ما يعجز البشر عن تصوره. فحين علم سليمان أن بلقيس قادمة إليه، طلب من جيشه أن يحضر له عرشها، ذلك العرش الذي كان يعد من أعظم وأبهى العروش في ذلك الوقت، ليكون شاهدا على إعجاز الله في تسخير كل شيء تحت إرادة نبيه. قال تعالى:
{قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: 40].
وهنا، يبرز علم الكتاب الذي منحه الله لبعض الجن والخلق، حيث جاء رجل من الجن الذين كانوا في خدمة سليمان، وكان لديه علم من الكتاب، فتمكن من إحضار عرش بلقيس في طرفة عين، قبل أن يرتد نظر سليمان. كان هذا الحدث بمثابة إعجاز إلهي يوضح عظمة القدرة الإلهية في تسخير الكون كله لخدمة نبي الله سليمان.
وبعد أن تحقق هذا الإنجاز العظيم، شكر النبي سليمان الله تعالى على هذه النعمة التي أظهرت له قوة الله وقدرته في تسخير ما لا يتصور لصالح الدعوة إلى الإيمان بالله. هذا الموقف يعكس حكمة النبي سليمان وفهمه العميق للعلاقة بين الإنسان والخالق، وكيف أن تسخير القدرات الإلهية يكون في خدمة الدعوة إلى الحق.
اللقاء المرتقب: اختبار بلقيس وفطنتها اللافتة
عندما حان اللقاء المرتقب بين بلقيس ملكة سبأ و النبي سليمان عليه السلام، كانت لحظة حاسمة تمثل اختبارا فريدا لحكمتها وفطنتها. دخلت بلقيس إلى قصر سليمان، وعندما رآها سليمان، سألها عن عرشها الذي تم تعديل ملامحه قليلا قبل وصولها، في محاولة منه لاختبار مدى فطنتها وإدراكها لما يحدث. سألها قائلا:
{أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟}، فكان جوابها سريعا وذكيا، حيث قالت:
{قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} [النمل: 42].
لقد كانت إجابة بلقيس تعبيرا عن حكمة عالية وفطنة قل نظيرها، إذ أنها لم ترد بإنكار أو استغراب، بل اكتفت بقولها "كأنه هو"، ما يدل على قدرتها على التمييز بين الواقع وما جرى من تعديل طفيف. هذا الرد الذكي لم يكن مجرد تعليق عابر، بل كان بمثابة اختبار عقلاني على قدرة سليمان على التفوق في إظهار القوة والمعرفة، في حين أنها أبقت على هدوئها وثباتها، مما يعكس براعة في الحوار وفهما عميقا لمواقف القوة والسياسة.
هذا الموقف كان بمثابة إشارة واضحة على شخصية بلقيس القوية التي لا تتهور في اتخاذ القرارات، بل تتصرف بذكاء وحذر في المواقف الحرجة. وقد أبرز هذا اللقاء جانبا مهما من الحكمة والذكاء السياسي الذي كانت تتمتع به بلقيس، والذي جعلها أحد أبرز الشخصيات القيادية في تاريخ المنطقة.
الصرح الزجاجي وإسلام بلقيس: نهاية رحلة العقل إلى النور
في لحظة عظيمة من اللقاء بين بلقيس ملكة سبأ و النبي سليمان عليه السلام، عرض سليمان عليها صرحا زجاجيا بديعا، يشبه الماء في صفائه وشفافيته، وكان الهدف من هذا المشهد أن يظهر لها عظمة قدرة الله وحقيقة الأمور كما هي، بعيدا عن المظاهر والشكوك. فلما رأت بلقيس هذا الصرح، اعتقدت في البداية أنه ماء، فرفعت ثوبها وكشفت عن ساقيها لتسير عليه. لكن سليمان أوضح لها الحقيقة قائلا إن هذا ليس ماء، بل صرح ممرد من قوارير، أي أنه مصنوع من الزجاج الشفاف الذي يشبه الماء في صفائه ولكن يختلف تماما في تركيبه.
عند هذه اللحظة، أدركت بلقيس عظمة الحق، وأشرق نور الإيمان في قلبها. كانت رحلة العقل قد قادتها إلى النور الإلهي، حيث توصلت إلى الحقيقة التي لا مجال للشك فيها. فقالت بلقيس، بعد أن إدراكها العظيم:
{قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44].
كان هذا الإعلان بمثابة توبة حقيقية و إسلام نابع من قلب مليء بالصدق والتواضع، إذ اعترفت بلقيس بظلمها لنفسها بسبب الضلال الذي كانت عليه، وأسلمت لله مع سليمان، معلنة خضوعها لله تعالى، رب العالمين. كان هذا التحول في إيمانها تتويجا لرحلة فكرية عميقة، بدأت بالتساؤلات حول الحقيقة، وانتهت بالإيمان والاعتراف بأن الحق هو الله وحده.
وفاة بلقيس: بين التاريخ والأسطورة
فيما يتعلق بوفاة بلقيس ملكة سبأ، تظل التفاصيل غامضة ولم تؤكد أي رواية تاريخية موثوقة حول كيفية وفاتها. ومع ذلك، انتشرت العديد من القصص التي تحاول تفسير هذا الحدث، بعضها ينسب إلى الأساطير الشعبية، فيما يبقى البعض الآخر في دائرة الاحتمالات التاريخية التي لم يحسم أمرها.
تقول بعض الروايات الشعبية إن بلقيس قد ماتت حزنا على ابنها، وذلك نتيجة فقدانها للأمل بعد أحداث تاريخية صعبة مرت بها، أو ربما بسبب تأثيرات التحول الكبير في حياتها بعد إيمانها. وهذه الروايات تبقى في نطاق القصص الشعبية التي لم تؤكد عبر مصادر تاريخية دقيقة.
أما روايات أخرى فقد ربطت وفاة بلقيس بفترة الوليد بن عبد الملك، حيث تشير إلى أن تابوت بلقيس كان يحفظ في تلك الحقبة، وأن وفاتها قد تكون مرتبطة بحكايات عن مكان دفنها أو الآثار التي خلفتها. ولكن، كما هو الحال مع الكثير من القصص القديمة، تبقى هذه الروايات في إطار الأسطورة أكثر منها الحقيقة التاريخية المثبتة.
وبينما يظل تاريخ وفاتها غامضا، تظل ملكة سبأ رمزا للقيادة والحكمة في ذاكرة التاريخ، محاطة بالعديد من الأساطير التي تضيف إلى شخصيتها هالة من الغموض والعظمة.
خاتمة: بلقيس… رمز القيادة الحكيمة والإيمان بالعقل
تظل بلقيس ملكة سبأ واحدة من أبرز نماذج القيادة الحكيمة في التاريخ، تلك المرأة التي جمعت بين العقل الراجح والفطنة السياسية، ولم تمنعها عظمتها من الاعتراف بالحق عندما ظهر. إنها مثال حي على أن الحكمة والفطنة ليستا محصورين في جنس أو زمن معين، بل هي صفات إنسانية يتصف بها الأفراد الذين يسعون إلى الحق والعدل في كل زمان ومكان.
من خلال قصة بلقيس، التي سطرت فصولها بين التاريخ والدين، نتعلم أن القوة الحقيقية لا تكمن في السلطة أو المال، بل في القدرة على التمييز بين الحق والباطل، والاستعداد لتغيير الخطأ عند معرفته. في رحلتها من الضلال إلى النور، قدمت بلقيس درسا في القيادة والإنصاف، مجسدة كيف يمكن للإنسان أن ينمو ويتطور فكريا وعقليا ويصل إلى الإيمان بالله من خلال التفكر العميق والتأمل في الحقائق الكبرى.
ولذلك، تظل بلقيس رمزا خالدا ليس فقط في القيادة النسائية، بل في القيم الإنسانية التي تدعونا إلى الإيمان بالعقل والنور في مواجهة التحديات، ما يجعلها أحد أبرز الشخصيات في تاريخ البشرية الذي لا ينسى.